رغم وضعها المتدهور منذ زلزال 2003 

قصبة دلس.. قبلة المغرمين بالتاريخ 

بومرداس: ز/ كمال

 أطلال تنافس المنتجعات في غياب خدمات وهياكل الاستقبال  

تحوّلت قصبة دلس العتيقة بأطلالها وأزقتها الضيقة التي يتوسطها ضريح سيدي محمد الحرفي والمطلة على الميناء ومنارة سيدي عبد القادر، إلى وجهة سياحية مفضلة للكثير من الزوار الذين استفادوا من رحلات سياحية منظمة بدأت تحطّ رحالها كل نهاية أسبوع منذ مطلع الصيف الجاري، للوقوف على أحد أجمل المعالم الحضرية التاريخية الشاهدة على تعاقب عدة حضارات من الفينيقية الى العثمانية التي خلدت هذه التحفةالمعماريةالمهملة..
«كنز لم تحافظوا عليه مثل الأمم».. هي صرخة يمكن لزائر قصبة دلس العتيقة أن يسمع صداها وهو يتردّد من زوايا البيوت المتراصة بشكلها الهندسي المتميز التي تحول أغلبها إلى أطلال تبكي ماضيها الضارب في عمق التاريخ وتستنجد مؤسسها الأول وواضع نواتها معز الدولة ابن صمادح سنة 1068م القادم من ألميريا مرورا ببجاية، لتحكي له ماذا فعل بها الزمان والانسان المتنكر لكل ما هو جميل من فنون العمارة ودرجة الرقي الحضاري والاقتصادي التي عرفته المنطقة لعدة قرون حتى دخول الفرنسيين الذين قاموا بعدة أعمال تخريبية بداية بتقسيم المعلم إلى قصبة سفلى وعليا وهدم المسجد العريق المعروف حاليا باسم مسجد الإصلاح قبل إعادة بنائه سنة 1848.
ورغم هذه الوضعية المتردية التي تعرفها قصبة دلس وتعطل مشاريع إعادة التهيئة التي استفادت منها منذ زلزال 2003، بداية بالمخطط الاستعجالي إلى المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ الذي تبناه مجلس وزاري مشترك سنة 2016، وتكليف الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بمتابعة ملف الترميم وإنقاذ المعلم، إلا أن رمزية المكان وعبقه التاريخي كانت كافية لجلب عشرات الزوار الذين تستهويهم مثل هذه الأماكن المثقلة بحكايات التاريخ وبصمات من مروا من هنا وبكل ما تركوه من اثار شاهدة تأبى الزوال.
 وقد شكلت جائحة كورونا وغلق الوجهات السياحية الخارجية، فرصة للكثير من الوكالات السياحية لتحويل مقصدها نحو المدن الداخلية ومعالمها الزاخرة، بذلك احتلت قصبة دلس مكانة مميزة في برنامج الرحالات المنظمة التي أشرفت عليها بعض الوكالات المعروفة، حيث سيرت عدة رحلات أسبوعية لفائدة الشباب والطلبة والأطفال والمهتمين بالتجوال السياحي قادمة من العاصمة والولايات المجاورة كالبليدة وتيبازة، وأخرى عائلية وفردية أرادت اكتشاف أسرار المعلم الذي يضمّ أيضا الميناء القديم، جدار الصد التاريخي، المدرسة القرآنية سيدي عمار وغيرها من المواقع الأخرى.   
وتبقى قصبة دلس بوضعها الحالي شوكة في حلق قطاع السياحة بولاية بومرداس، الذي يحاول النهوض لكن على أطلال هذا المعلم التاريخي الذي يبقى مصدر انبعاث والهام لكل مشروع سياحي وقاعدة انطلاقة أساسية لا يمكن تجاوزها لإنعاش السياحة الداخلية وإنجاز مشاريع عصرية لا تعكس البعد الحضاري الأصيل لمنطقة تحمل خصوصية ورصيدا تاريخيا من الصعب القفز عليه، لأنه يختزل حقبات التاريخ بكل فصولها والدليل هو تفضيل عشرات الزوار الجلوس على أكوام حجارة البيوت المهدمة أو أمام بيت القائد خير الدين برباروس وسرقت نظرات خاطفة من نافذة ضيقة لسقيفة مطلة على الميناء، على مظاهر العصرنة المصطنعة في المنتجعات والمركبات السياحية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024